
باستثمارات وشركات إماراتية .. دبي جديدة وسط بلغراد عاصمة صربيا
حالة الولع بدبي ومحاولة تقليد نمطها المعماري يبدو أنها انتقلت من الشرق الأوسط إلى قلب أوروبا، فالآن أحد أكبر مشروعات التنمية الحضرية في أوروبا لا يستمد إلهامه، فقط من دبي؛ بل يعتمد على الاستثمارات والشركات الإماراتية لتحديث بلغراد، عاصمة صربيا العريقة التي عانت طويلاً الحروب.
وتقدر استثمارات هذا المشروع الضخم بـ3.6 مليار دولار، والمسمى “Belgrade Waterfront-واجهة بلغراد المائية”، ويتسم بالبذخ ويُنظر إليه على أنه العمود الأساسي لتحويل المدينة العجوز إلى “دبي البلقان”.
الخطة تمنح البلاد هوية جديدة وتنهي عزلتها
منذ عشرينيات القرن العشرين، كانت منطقة الواجهة البحرية حول محطة القطار الرئيسية بمثابة “قرحة” لبلغراد، حسب وصف موقع مجلة The Forbes الأميركية.
كانت ثقباً فارغاً مزعجاً في وسط المدينة، وقد تم اقتراح العديد من المبادرات على مدار السنين لإنشاء مركز اجتماعي وتجاري جديد، وتحفيز الاقتصاد المحلي، فضلاً عن الاستفادة ببساطة من منطقة مركزية مهملة.
وبات المشروع، الذي يقضي بإنشاء ناطحات سحاب فارهة ومراكز تسوق باذخة، رمزاً لخطة أطلقها الرئيس الصربي، ألكسندر فوتشيتش، لمنح البلاد “هوية جديدة” بعيداً عن عزلتها الدولية وماضيها المليء بالصراعات.
ويهدف فوتشيتش إلى تحقيق هدفه بأموال مقترضة ومن عوائد بيع أراضي الدولة إلى مشترين أثرياء من روسيا والصين ودول الخليج.
ويقول منتقدو المشروع إنَّ الحكومة الصربية لا تسمح لشيء بأن يعترض طريقها في سبيل إنجاز هذا المشروع.
ليس إلا مجرد جزء من سيل الاستثمارات الإماراتية
ويتلقى مشروع “واجهة بلغراد المائية” تمويلاً من شركة استثمارات في أبوظبي تُسمى Eagle Hills Properties، والتي وقَّعت عقداً مع الحكومة الصربية عام 2015.
ويُعَد هذا المشروع، الذي تبلغ قيمته مليارات الدولارات، مجرد جزء من سيل أموال تدفَّق من الإمارات إلى صربيا؛ إذ صنَّف محمد بن زايد صربيا باعتبارها الوجهة الأساسية غرب البلقان التي ستنصبُّ فيها جهود بلاده لتنويع مواردها الاقتصادية بعد نفاد النفط، حسب تقرير الصحيفة الأميركية.
وبدأ المشروع عام 2013، حين توسط العمدة “مالي” في صفقة مع “طيران الاتحاد”، الناقل الوطني الإماراتي، لبيع 49% من حصة خطوط “جات” الجوية المملوكة للحكومة الصربية والموشكة على الإفلاس، وإعادة هيكلتها تحت اسم “آير صربيا” وتحويل مطار بلغراد إلى مركز إقليمي.
ووقَّعت الإمارات كذلك اتفاقية مع الحكومة الصربية للاستثمار في تطوير الأراضي الزراعية وشراء شركات زراعية مملوكة للدولة. وتُضَخ أموال الإمارات كذلك في قطاع الصناعات الدفاعية الصربية، وضمن ذلك تصنيع الطائرات.
وسيبلغ إجمالي المباني في المشروع 5700 منزل و8 فنادق بالمنطقة بين النهر ومسارات قطارات السكك الحديدية التي تُوصِل إلى محطة القطار المركزية للمدينة والتي يعود تاريخ بنائها إلى القرن التاسع عشر.
ويتضمن المشروع مجموعة من ناطحات السحاب، ستضم أطول مبنى في جنوب شرقي أوروبا، وداراً للأوبرا، وأكبر مركز تسوق في القارة، والذي كان من المتوقع أن يخلق 13 ألف فرصة عمل.
إنه ليس مجرد مشروع من شأنه أن يضيف جديداً إلى الشكل الحضري للعاصمة الصربية، ولكنه سيغير وجهها تماماً.