جسر البلقان شراكة استراتيجية بين صربيا والإمارات
3 اكتوبر 2018
وجَّه نائب رئيس الوزراء الصربى”إيفيتسا داتفتشك” فى العشرين من سبتمبر الماضى فى زيارة لدولة الإمارات العربية المتحدة، التقى خلالها نظيره الإماراتى الشيخ “عبدالله بن زايد”، حيث ناقشا العلاقات الثنائية بين البلدين، كما تباحثا فى شأن قضية وقف التأشيرات السياحية للمواطنين الصرب المتوجهين للإمارات، اللذين وصل عددهم فى العام الماضى إلى عشرين ألف سائحٍ صربى .
وفى المقابل، كانت حكومة بلجراد قد اتخذت الإجراء نفسه من قبل بالنسبة للمواطنين الإماراتيين، فى حين تُعد الإمارات أولى دول الشرق الأوسط من حيث عدد الجالية الصربية لديها، والذى وصل إلى ستة آلاف صربى مقيم فى الإمارات.
كما تناول اللقاء ضرورة تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وهذا ما ظهر من خلال القرار بتنظيم أولى جلسات اللجنة المشتركة من أجل التعاون بين الإمارات وصربيا، والمقرر عقدها فى التاسع من نوفمبر القادم فى بلجراد .
وقد أوضح “داتفتشك” فى تصريحات المؤتمر عن عزمه عقد شراكة إستراتيجية مع الإمارات، التى تُعد أهم شريك فى منطقة الخليج . كما يعود تاريخ العلاقات بين صربيا والإمارات إلى سبعينيات القرن الماضى.
وفى السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين تحسنًا طفيفًا بفضل الاستثمارات التى تقوم بها الشركات العربية فى دول البلقان. وقد تركزت الاستثمارات فى أربعة قطاعات رئيسة وهى: الطيران، والبناء، والزراعة، والدفاع، بجانب توقيع اتفاقية التعاون الاقتصادى فى عام2013، التى تمثل أداةً لتوطيد العلاقات الثنائية على الصعيد الاقتصادى.
وكان أول أضخم استثمارٍ تجريه الإمارات بهذا الشأن هو قيام شركة طيران الاتحاد الإماراتية بشراء 49% من أسهم شركة “جات” الجوية بمبلغ 200 مليون دولار، والتى أصبحت بعد ذلك الخطوط الجوية الرسمية لدولة صربيا .
وقد تبع عملية الشراء السابقة فى العام التالى مشروع التطوير العمرانى”بلجراد واتر فرونت”، الذى تبنته شركة “إيجل هيلز” بقيمة تعدت 3.5 مليار دولار، حيث يستهدف المشروع بناء منطقة سكنية ترفيهية فى منطقة “سفامالا” الموجودة داخل مدينة بلجراد، وسوف تتضمن المنطقة السكنية أكبر مركزٍ تجارى على مستوى منطقة البلقان، الذى يضم فنادق وآلاف الشقق السكنية لاستقبال السائحين الأجانب وصفوة المجتمع المحلى، بجانب بناء برج سكنى يبلغ ارتفاعه 200 متر. وتتضمن خطط المشروع توفير 200 ألف فرصة عمل للمواطنين الصرب.
وفى العام نفسه، أعلنت وزارة المالية فى أبو ظبى عن موافقتها على منح صربيا قرضًا بقيمة مليار دولار. وقد تم التوقيع على تلك الاتفاقية بعد زيارة رئيس صربيا “ألكسندر فوتشيتش” للإمارات.
وفى مايو الماضى، وقعت حكومة البلدين مذكرتى تفاهم مهمتين فى قطاع البنية التحتية للموانئ، وقطاع التغذية، ومن المقرر أن تصل قيمة الاستثمارات إلى 200 مليون يورو لبناء ميناء نهرى على نهر الدانوب، كما كشفت الشركة الإماراتية نفسها عن رغبتها لخصخصة ميناء مدينة “نوفى ساد”، وهى ثانى أكبر مدينة فى صربيا.
أما المذكرة الثانية، فقد وقَّع عليها وزير الزراعة والغابات وموارد المياه الصربى لتصدير المواد الأولية للسوق العربى، بجانب شراء الإمارات لشركات زراعة حكومية صربية.
وتعود منفعة الإمارات من تلك القطاعات إلى نقطتين رئيستين: الأولى- ضرورة تنويع أنشطتها الاقتصادية للتقليل من اعتمادها على قطاع البترول لمواجهة الأزمات الدائمة المتلاحقة فى ذلك القطاع. أما النقطة الثانية- فهى الظهور فى صورة الرائد الأكبر فى منطقة البلقان، سواء بسبب السعى للنمو الاقتصادى أو لوجود عددٍ كبير من المسلمين فى منطقة البلقان.
وعلى الجانب الآخر، فإن تلك الاستثمارات – بالنسبة لصربيا- تلعب دورًا رئيسًا فى تطوير النظام الصناعى والزراعى الخاص بها، إلا أن نقص رؤوس الأموال قد دفع الحكومات للبحث عن استثماراتٍ أجنبيةٍ لسد العجز. فالدعم الإماراتي لبلجراد يُمثل مصدر تمويل إضافيًا يسهم فى زيادة حجم العلاقات السياسة والاقتصادية للبلاد، مما يواكب السياسة الخارجية التى تتبعها صربيا فى السنوات الأخيرة.