تجربة جمالية في تصميم القبو .. مثال من مقدونيا
مالديني مجاني
يواجه المؤلف، المهندس المعماري في بلغراد زوران أبديتش، مهمة صعبة هي: الحماية المادية لقواعد البيانات الرقمية التابعة لوزارة الشؤون الداخلية في مقدونيا من السرقة والحذف والخراب، ولهذا السبب يجب تخزينها في منشأة آمنة كخزنة بنكية.
من أجل تمكين الأمن والسيطرة على المنشأة، تم اختيار موقع منفصل، على بعد كيلومترين من وسط المدينة. يهدف المبنى من الداخل إلى توفير تخزين آمن لأجهزة الكمبيوتر وأجهزة الشبكة، مع توفير الكهرباء والتحكم في درجة حرارة التشغيل وتوصيلات الكمبيوتر الجيدة.
استجابة للمهمة المطلوبة، توصل المؤلف إلى مفردات معمارية غير عادية. تخيل مبنى بقاعدة ذات شكل دائري بسيط، مدفون في أرض غير مضيافة، مثل فوهة نيزك أو فتحة بركانية. مع هندسته الأولية ولكن الجميلة، عارض السمات الخشنة للمناظر الطبيعية، مما أدى إلى دقة فنية فيها. يذكرني الشكل النظيف والبسيط للدائرة بشكل لا يقاوم بالحفرة البركانية رودان في فلاغستاف، أريزونا، والتي تحتوي على تركيب فريد تحت الأرض للفنان الأمريكي جيمس تاريل. على عكس تاريل، الذي اشترى أرضاً بفوهة بركانية، شرع في مغامرة فريدة من نوعها لإنشاء قطعة مفاهيمية مشهورة عالمياً لفن الأرض، فإن المنشأة في بريليب، التي تم إنشاؤها نتيجة لاحتياجات الشرطة المقدونية التي يمولها الاتحاد الأوروبي، تشبه إلى حد كبير مخبأ الحرب العالمية الثانية. فيها عظام المدافعين عنه سليمة.
لكن، إذا قمنا بتجريد وظيفة هذا الكائن، فإن أمامنا هندسة خالصة، عمل بسيط، والذي يتمتع خارج السياق السابق بصفات جمالية وتركيبية عالية. مثلما بنى تاداو أندو البسيط مفهومه المعماري للهندسة على أشياء ذات محتوى فني وديني – المتاحف والكنائس، فإن الخطوط العريضة الصافية لهندسة زن المعمارية في بريليب تعيش حياة مستقلة بغض النظر عن الغرض. في فترة ما بعد الحرب، في بريليب، في بداية الستينيات، تم إنشاء نصب تذكاري عالي الجمال لبوغدان بوجدانوفيتش “لا يقهر”، يذكرنا بإنجازات النضال التحريري الوطني في حديقة الثورة، واليوم تم تحقيق وصول نحتي عالي لمفهوم معماري نقي وواضح لمبنى الدولة. آمل ألا تواجه هذه الوظائف العبثية الحديثة لـ “Fort Knox” المتمثلة في تخزين البيانات الرقمية في عصر يتم فيه تخزينها في سحابات الإنترنت المزدحمة بدلاً من المخابئ، المحمية بكلمات مرور معقدة متغيرة تضمن أمنهم، المصير الشرير للمباني غير المجدية للعصر الاشتراكي. بغض النظر عن المحتوى الذي لا معنى له، يوفر هذا الملجأ تجربة بصرية وجمالية فريدة في كارست المدينة المقدونية. إنه لأمر مؤسف أنه بسبب طابعها البوليسي، فلن تصبح مكاناً للقاء لعشاق الهندسة المعمارية.
https://www.novosti.rs/kultura/vesti/919554/dnevnik-zabluda-bunker-nudi-estetski-dozivljaj