تعرف على غرب صربيا… أرض العجائب والمغامرات
يزور تلك المنطقة من صربيا في شهر يناير/كانون الثاني من كل عام عدد كبير من الفنانين ومشاهير العالم و منتجي الأفلام السينمائية، نظراً للجمال والمناظر المثيرة التي يتميز بها الريف الغربي من صربيا، لا سيما منطقة «كوستيندورف» التي يقام فيها سنوياً مهرجان «كوستيندورف» الدولي للسينما والموسيقى.
تتركز منتجعات التزلج الشتوية تحت قمم جبال «زلاتيبور» ويحيط بها عدد من الشاليهات السياحية والفنادق التي غالباً ما تكون مزدحمة بالسياح الذين لا يفوتون الأجواء الرائعة هناك.
تحتضن السفوح السفلى لتلك الجبال غابة مطيرة تتميز بأشجارها الكثيفة من السرو والصنوبر، إضافة إلى عدد من البحيرات الرائعة التي تنتشر في تلك الغابة. ولا تبخل تلك المنطقة على زوارها، بل وتمنحهم رحلة عبر التاريخ بواسطة القطار البخاري الأثري الذي ينطلق من هناك إلى عدد من المناطق المجاورة، حاملاً الزوار في رحلة مليئة بالمغامرة والمتعة، مجتازاً بهم عدداً من الجسور والمرتفعات والمنخفضات.
تشتهر المنطقة الغربية من صربيا بعاداتها وتقاليدها وثقافتها المختلفة عن باقي أنحاء صربيا، ويشتهر السكان المحليون بحسن الضيافة، وإعداد وجبات الطعام الشهية التي يقدمونها للزوار.
قرية «دريفنغارد»
يوجد العديد من المناطق التي يمكن للزوار أن يذهبوا إليها في غرب صربيا، وجميعها بالتأكيد تقدم لهم متعة وأوقاتاً لا تنسى، ولكن من الأفضل للجميع البدء برحلة التجول في ربوع صربيا من قرية دريفنغارد، التي تتميز ببيوتها المبنية من أفضل أنواع الخشب.
تقع هذه القرية الخشبية على بعد حوالي 200 كلم غرب العاصمة بلغراد، فوق هضبة متوسطة الارتفاع غالباً ما تكون مغطاة بالثلوج في فصل الشتاء، بالقرب من قمة «موكرا غورا» الجبلية التي تعتبر امتداداً لسلسلة جبال «زلاتيبور»، وتتميز بطبيعتها الجبلية وإطلالاتها الساحرة.
بنى «دريغنغارد» المخرج السينمائي البوسني أمير كوستوريكا لتكون منصة ونقطة انطلاق لمهرجان «كوستيندورف» للأفلام السينمائية، وشارك في بنائها عدد من مخرجي الأفلام السينمائية الذين أسهموا في تأسيس عدد من الفنادق والمنتجعات السياحية الفخمة بالقرب من هذه القرية، وجعلوا منها مكاناً رائعاً لإقامة مهرجانهم السنوي.
يمكن الوصول إلى تلك القرية بطريقتين، إما بواسطة طائرة الهليوكبتر، كما كان الحال مع عدد من مشاهير السينما أمثال، جوني ديب، ومونيكا بيلوتشي عندما وصلا لحضور مهرجان هذا العام، أو براً عبر الطريق الذي يربط بلغراد مع المدن الغربية، ولا تخلو رحلة الأربع ساعات هذه من المتعة والإثارة نظراً للمشاهد الرائعة التي تمتد على جانبي الطريق.
تعتبر «دريفنغارد» مكاناً مثالياً لقضاء الإجازة الشتوية، حيث تمنح التلال المحيطة بها، والتي تغطيها الغابات المطيرة للسياح جواً رومانسياً ساحراً، إضافة إلى أن المطاعم والمقاهي الصربية التقليدية التي تنتشر بكثرة هناك تقدم وجبات ومشروبات صربية تقليدية غاية في الروعة.
رحلة عبر التاريخ
بعد الاستمتاع بأجواء «دريفنغارد»، لابد من القيام برحلة استكشافية للمناطق المحيطة بها، يفضل بعض الزوار التجول مشياً على الأقدام، ويفضل آخرون إكمال الرحلة بواسطة السيارة حتى الوصول إلى أقصى الغرب من صربيا، إلا أن الرحلة الأكثر رواجاً بين زوار تلك المنطقة تكون عبر القطار البخاري التاريخي «سارغن 8» الذي لا يزال صوته يعم أرجاء المكان.
بنيت سكة حديد هذا القطار خلال حقبة الدولة اليوغسلافية كجزء من الخط الحديدي الذي يربط بين سيراييفو في البوسنة والهرسك وبلغراد الصربية،وينتهي مسارها اليوم عند الحدود البوسنية بعد أمتار قليلة من اجتياز نهر «درينا».يأخذ هذا القطار زواره في رحلة لا تنسى مستمتعين بمشاهد سينمائية رائعة، بدايةً من السلاسل الجبلية المغطاة باللون الأبيض ومروراً على عدد من الجسور الممتدة فوق بعض الأودية والأنهار، وصولاً إلى الأنفاق التي تخترق الجبال، في الحقيقة إنها رحلة رائعة وتجربة فريدة مليئة بالمغامرة والمتعة.
تنتهي هذه الرحلة عند بلدة «فيسيغارد» الواقعة على الحد الفاصل بين البوسنة وصربيا، وتتميز هذه البلدة ببيوتها المبنية من الحجارة التقليدية، وقد أدرجت منظمة اليونيسكو هذه البلدة ضمن قائمة التراث العالمي، وذلك لاحتوائها على أحد الجسور التاريخية الذي يمتد فوق نهر «درينا»، ويسمى جسر «باسا سوكولوفيتش».
التزلج على الجليد
تعتبر سلسلة جبال «زلاتيبور» المكان الأفضل في صربيا لممارسة رياضة التزلج، وذلك بسبب تضاريسها المتنوعة والمناسبة لكافة الفئات العمرية، ويبلغ ارتفاع أعلى قمة في هذه السلسلة «تورنيك» نحو 1490 متر، ويوجد فيها المنتجع الشتوي الأكبر في صربيا الذي يستقبل حوالي 5400 متزلج في الساعة الواحدة.
يمكن للمتزلجين المستجدين أن يبدأوا تدريباتهم من نقطة أخفض، حيث يوجد هناك العديد من المسارات المستقيمة التي لا تتطلب الكثير من الاحترافية.
أما الزوار الذين ليس لديهم رغبة في التزلج فيمكنهم الاستمتاع بمشاهدة المناظر الرائعة للوادي المجاور من أعلى قمة «تورنيك»، حيث يوجد هناك عدة مسارات للمشي مجهزة بشكل رائع.
وبالنسبة لمكان الإقامة، فإن غرب صربيا، لا سيما المنطقة المحيطة بمنتجعات التزلج تحتوي على العديد من الفنادق الرائعة والفخمة أشهرها فندق «زلاتيبور مونا» الذي يبعد حوالي 7 كلم عن منتجع «تورنيك»، ويتميز بخدماته المميزة وإطلالاته الرائعة، إضافة إلى احتوائه على مطعم مشهور بوجباته الصربية التقليدية.
محمية «تارا» الطبيعية
يعتبر غرب صربيا موطناً لواحدة من أكبر المحميات الطبيعية في العالم، ألا وهي محمية «تارا» الوطنية. وتأتي أهمية هذه المحمية من كونها موطناً لعدد من سلالات الحيوانات البرية المهددة بالانقراض كالذئاب والدببة والسنور البري، وتتميز بمساحتها الخضراء الواسعة ومساراتها الجبلية العديدة التي تنتهي إلى عدد من الكهوف والأديرة التاريخية المهمة أشهرها، دير «راكا» الذي يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث عشر، تقع هذه الأديرة عند أعالي الجبال لا سيما جبلي تارا وتشيزيدا، ويقصدها سنوياً آلاف من السياح الذين يستمتعون بمشاهدة تلك الأمكنة التي تروي لهم قصصاً من الماضي.
يمكن للزوار أن يكملوا رحلتهم باتجاه الجنوب حيث يجدون هناك عدداً من الشلالات المائية الرائعة، والتي تعتبر المناطق المجاورة لها من أكثر البيئات المناسبة للنزهات والتخييم.
أدرجت منظمة اليونيسكو أيضاً كامل محمية «تارا» الوطنية إضافة إلى وادي نهر «درينا» ضمن قائمة التراث العالمي، نظراً لأهميتهما في تحيقيق التوازن البيئي، وكونهما بيئة حاضنة لتلك السلالات من الحيوانات التي أصبحت في الفترة الأخيرة مهددة بالانقراض بسبب عمليات الصيد التي كانت تقام فيها، إلى أن وضعت الحكومة الصربية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة قوانين صارمة تمنع الاصطياد في تلك المحمية.
– See more at: http://www.alkhaleej.ae/economics/page/420effc2-329c-4edf-811b-2149cf01cf65#sthash.kE7LtVba.dpuf